Tuesday, August 14, 2012

:المشهد


      سَمَعتهُ يتسلل في منزلها. مكانِها. لم يشعر بضرورة الدق علي بابها. لم يهمه إعطاء أعذار وهمية، لم يحاول إخفاء أكاذيبه بتمثيل ردئ، لم يكترث. ولكنه دخل للتو. أخذها فجأة بعيونهِ القاسية، وإيماءاتهِ العنيفة ويديهِ الخشنة. وبصرف النظر إنه مزَق ملابسها حتى توهَج جسدها في الظلام، إلا إنه لم يتركها عارية الجسد فقط، ولكنه أيضا منعها من عزِة نفسها وكرامتها. حرمها من إنسانيتها. ترك الندوب والجروح البليغة العميقة تشقُ الطرق من سطح جلدها حتي تلتقي في صميم جسمها تاركة لها جوفاء. فارغة. عقيمة. ولكنها لم تتوقف عن القتال للحظة. صرخت، بكت، إشتكت، نزفت، ولكنها لم تتوقف قط عن المقاومة.

      إمرأةٌ جميلة قوية تصارع الموت من أجل حياة كريمة في بيتها. حقها. تلهث أنفاسها وسط حُطام شظايا الزجاج علي الأرض. مشهد بشع. ولكنه مشهد مُلهم. جميل، يصوّر الحياة.

      كان زوجها يترقب المشهد من خلف النافذةِ منذ بدايته. الخوف يمنعه من المواجهة. اللا مبالاه تمسكه عن التحرك. الأنانية تجمده عن تلطيخ يديه بالدماء وتخليصها. جُرِد من إنسانيته ورجولته ونخوته وبقي يترقبها بعينٍ دامعة وجسدٍ مُتجمد, لا حياة فيه. ولكن سيأكل الندم جُثته لاحقاً. 

      كما سيبقي العالم يتفرج من خلف النافذة علي فلسطين تُغتصَب وتُنهَب ويذَل رجالها ويراق دمائها ويُشرَد أطفالها ويُرمَل نسائها ولكنه ينبهر أيضاً بصمودها.